amine
عدد المساهمات : 104 تاريخ التسجيل : 15/06/2009
| موضوع: مقال عمود بصوت مرتفع الأحد يونيو 28, 2009 12:38 am | |
|
ما الذي يجعل الواحــد منا يغــترب عن وطــنـه ! ؟
قد يكون طرح هذا السؤال من بديهيات الأمور التي لا تستدعي منا عناء التفكير،لأن الجواب عنه قد يكون ظاهــرا من طلــعتــه . فتجد مثلا من يقول لك أن السبب هو البحث عن رزق كريم يحافظ به المغترب على كرامته، لأن الشغل من الضروريات التي تصون كرامة الشخص. أو قد يكون الجواب البحث عن حرية أكبر، و العيش في وطـــن يحترم حقوقك و يقدر إنسانيتك ويتذكرك في أزمتك، يرعاك لا يحتقرك، يعلمك إن كنت طالبا، و يداويك إن كنت مريضا، ويبتسم في وجهــك إن كنت حزينا.. وطــن تعيش فيه بعزة نفس، لا أقل و لا أكثر.
فماذا لو قـلت أو إنعدمت كل تلك الإمتيازات ؟!
هذا السؤال تأتي مشروعيته إنطـلاقا من الأزمة الاقتصادية التي يعرفها العالم، خصوصا أن الكثير من أقربائنا المهاجرين في بلاد الأزمة يعانون من نتائجها، و منهم من أصبح يفكر في الرجوع إلى أرض الوطن و الإستقـرار فيه نهائيا !
بــل هناك من كان يفكر في العودة قبل ظهور الأزمة،على سبيل المثال لا الحصر:المهندسون ،رجال و نساء الأعمال، وكذا كبار الأطــر التي ترى في نفسها خدمة الوطن و الرقي به إلى مستوى أكبر مما هو عليه.
لكن، مع الأسف فئة كبيرة من هؤلاء الطاقات المهاجرة عندما تزور المغرب في فصل الصيف مثلا، تصطدم بواقع مرير، فتبدأ فكرة العودة قليلة الأمل، والسبب راجع بالأساس إلى الإجراءات الإدارية المعقدة التي تواجه مشاريعهم، وفي مناسبات عدة يكون السبب أيضا تفشي ظاهرة الرشوة التي تعوق حصولهم على الوثائق الضرورية لتأسيس مقاولة أو بناء مشروع، دون أن ننسى التعامل الذي يلقاه هؤلاء من طرف سماسرة الوطن!!
لــــكن يبق الأمل حاضرا رغم كل شيء، أمل في تغيير سياسة الدولة تجاه إستقبال أبنائها و تسهيل شروط العمل و الإستقرار. أمل في القضاء النهائي على الرشوة و الضرب بيد من حديد على كل الأيادي التي تمتد لتبعد أحلام أقربائنا المهاجرين مـن الإستقرار و العودة إلى الوطن. الإحساس بالغربة شعور صعب وقاس، خصوصا إذا كان المغترب يعيش وحيدا، لا زوجة ولا أبناء ولا أقرباء .. ولا أصدقاء حتى! يعمل طيلـــة اليوم من أجل لقمة العيش .
لكــن الأقسى ... أن يصفعــك الوطـــن !
يجب الاعتراف بأن المهاجرين يناضلون على جبهات عــدة؛ يناضلون من أجــل ضمان القوت اليومي لأسرهـــم، وقد تجد الواحد منهم لا يكـــد من أجل أسرته فقط، بل (وهذا في كثير من الأمثلة) يكـــد أيضا من أجل عائلته هنا في أرض الوطن. هاهــنا فروحــــه وعقله منقسمين إلى نصفين، نصف هنا و النصف الآخر هناك. أما إذا كان المهاجر إبــن أسرة فقيرة، فالمسؤولية أكبر! من جهة أخرى، هـــم يناضلون من أجل تشريف صورة بلـــدهم في البلدان التي يعــملون فيــها، و أيضا من أجل الحفاظ علــى تواجدهم هناك. دون أن ننسى تنشيط الاقتصاد الوطني و تغطية العجر التجاري المغربي بنسبة تفوق 60 في المائة. لذا، أليس من واجبنا أن نقف إلى جانبهم في أزمتهم كـدولــــة و كشعب، و نحاول على قدر المستطاع توفير الدعم النفسي والمادي لـــهم. أم أننا لا نعرفهم سوى في تحويلاتهم المالية السريعة. أما دون ذلك، فــــلآ ! فــهل الشماتــة في حالـــهـــم وحدها من يستحقونها !! و حسيبي إن هذا لا يمكن أن ينم عن عقلية أخلاقية، بلاها عــقلية تعترف بالجميل كـحال أحـــد "المواطنين" عندما علــــم بخــبــر رجوع قريب لـه من أوروبا هذه السنــــة بدون سيارة ولا هدايا كما هو شأن السنوات الماضية، فرح لـــمصيبته وقال لصديقه" مزيااااااان، باش ميبقاش يفوح بزااااااف علينا" وقـــد نسي هذا (الرجل) أن أبن عائلته كان منذ عهد قريب يساعده و يشجعه علــى العمل و يقول له دائما "أنا في الخدمــة"، هذا بغض النظر عن المساعدات التي كان يقدمها لكل من قصده في الــسر و العلــــن.
ليست هذه أخلاقنا و لا تربطنا بها أيــــة صلـــــة، و حســـبي إنــها لجهــالة عـظيــــمة ما بعدها جهالــــة، تسكن نفوس هؤلاء من الحساد و الناكرين للجميل و المعــروف.
علينا أن نعلم جميعا أن هذا الموسم سيكون لأغلب أقربائنا العائدين من الخارج ظروفهم النفسية و المادية، لذا و جب على كل أسرة و كل فرد أن يأخذ في حسبانه هذا المعطى.
وكما يعلم الجميع، أن أول ما نسمع بعودة أقــرباء لــنا من بلاد الأورو أو الدولار(..) إلى أرض الوطن، نهرول مباركين لهم عودتهم، وعيوننا تترقب هداياهم أو ما ستجود به علينا زيارتهم ...لذا وجب العلم أن العودة هذه السنة ستكون صعبة في أغلب الأحوال.أنا لا أهول العــودة، و لكني أتحدث عن أقربائنا الذين مستهم الأزمة الإقتصادية في رزقــهم. و كان دافعي الأساس للكتابة في هذا الموضع هو الحلقة التي بثتها القناة الثانية عن إخواننا في اسبانيا و الأزمة فــي برنامج تحقيق. إنــــه لأمـــر محزن حــــقا !! هذا صوتي أنادي به كل المسؤولين بشؤون جاليتنا المغتربة، أن يقفوا إلى جانبهم في محنتهم، كــي يتمكنوا من تجاوز أزمتهم، خصوصا إذا علمنا أن الحالة الاجتماعية لهؤلاء أصبحت كل يوم في تــرد مستمر. و خوفي إذا استمر الوضع على مــا عليه، أن تــنتج عنـــه نتائج نـــنــــدم علــــيها جــــميعـــا !! لكم الله يا أقرباءنا المهاجرين. | |
|