amine
عدد المساهمات : 104 تاريخ التسجيل : 15/06/2009
| موضوع: الشعـوذة بالمغرب..ضحاياها شبكاتها ماذا وراء انتشارها وكيف اخترقت الفضاء الإعلامي؟ الإثنين يونيو 22, 2009 9:44 pm | |
| كان يفترض في بلد ترفع جميع أطيافه ونخبه السياسية مشاريع للتقدم المجتمعي أن تكون محاربة الشعوذة من القضايا التي يسجل بصددها أي خلاف، إذ مهما كانت محددات كل مكون مجتمعي في النظر إلى هذه الظاهرة، فإن الثابت أن كل الاعتبارات الدينية والعقلانية والحداثية والديمقراطية تقتضي أول ما تقتضي تحرير العقل والإرادة من الارتهان إلى الخرافة والشعودة.
وكان المفترض تبعا لذلك، أن تكون محاربة الشعوذة جزءا من استراتيجية منظومة التربية والتكوين، بل وكل قنوات التأثير والتوجيه وصناعة الثقافة والفكر في هذا البلد، لكن يبدو أن الملاحظة السوسيولوجية لواقع هذه الظاهرة في المغرب وامتداداتها وشبكاتها ومواكبتها للتطور العولمي واختراقها للفضاء الإعلامي والاعتبارات الجديدة التي أصبحت تبرر بها وجودها، تدفع إلى التعاطي مع الظاهرة ليس فقط باعتبارها ظاهرة مجتمعية أنتجها الترهل والفراغ القيمي والتربوي، وإنما كظاهرة لها ارتهانها بالسياسة.
ولعل ظاهرة مكي الصخيرات تبقى عينة صالحة في هذا الإطار لتحريك جملة من الأسئلة السياسية بهذا الخصوص للوقوف على طبيعة الدور السياسي الذي تؤديه الشعوذة في المشهد السياسي، والعائد السياسي الذي تجنيه بعض النخب السياسية منه.
ولأن الظاهرة، بدأت تعرف في السنوات الأخيرة نموا مطردا، وبدأت تعتمد على آليات عصرية للانتشار، وتتكيف مع منتجات العولمة، وتخترق الفضاء الإعلامي، وتعتمد أساليب حديثة لتسويق منتوجاتها و خدماتها ، فقد ارتأينا أن نفتح هذا الملف، ونضع بين يدي القارئ معطيات عن الشبكات التقليدية والعصرية التي تعتمدها، والمبررات القديمة/الجديدة التي تبرر بها الشعوذة وجودها، أو بعبارة أدق تصطاد بها ضحايا وتوسع من دائرة ضحايا جدد.
(محاربة العنوسة، البحث عن العمل، معالجة الأمراض، حل الخلافات الزوجية ، كسب مواقع انتخابية، التفوق في عالم المال والأعمال ...)، ونقف أيضا على الاختراق الذي قامت به للفضاء الإعلامي من خلال الإشهار الذي غزا المنابر الصحفية والإعلامية والأبراج في كل المنابر، وأحيانا استضافة بعض الدجالين على القنوات الفضائية بمسميات مختلفة، ناهيك عن الحضور القوي لهذه الظاهرة على مستوى شبكة الأنترنت.
ولعل مجرد متابعة الطريقة التي تعاطى بها الإعلام مع ظاهرة مكي الصخيرات تدفع لطرح العديد من الأسئلة حول مسؤولية الإعلام في صناعة الدجالين في المغرب، بل ومسؤولية النخبة السياسية في إعطائه شرعية الوجود والاستمرار، بل وتدفعنا إلى إعادة تعريف الشعوذة من خلال إضافة البعد السياسي في الموضوع.
على أن الأهم من التشخيص، وفهم الدراسة، هو بحث مدى خطورتها على الأمن الروحي والأخلاقي للمغاربة، وتهديدها لكل مشاريع التقدم المجتمعية التي تحملها النخب المجتمعية في المغرب، وهو ما يعني أن محاربتها تشترك فيه الدولة ومؤسسات المجتمع المدني على السواء، الدولة من خلال تفعيل منظومتها القانونية ومقاربتها الأمنية، وأيضا من خلال سياسيتها الدينية وجعل مهمة محاربة الشعوذة جزاء من الخطاب التوجيهي للعلماء، ومن خلال سياسيتها الثقافية والإعلامية ومنظومة التربية والتكوين التي تراهن عليها لتحديث المجتمع، والتي يفترض أن يقود تشخيصها إلى اعتبار ظاهرة الشعوذة أحد أهم العوائق التي تمنع مسيرة التحديث في المغرب.
ويأتي دور المجتمع المدني، بمؤسساته ونخبه والمؤسسات الإعلامية لتضع نفسها أمام خيار واضح، إما أن تكون مع تحديث المجتمع وهو ما يفرض عليها أن تقطع مع الظاهرة وأن تكون طرفا قويا في محاربتها، وإما أن تعلن براءتها من تحديث المجتمع، وبعدها لا حاجة لها أن تبرر بأي اعتبار من الاعتبارات المهنية حضور بعض منتوجات أو خدمات أو بعض أوجه صناعة ظاهرة الشعوذة في صفحاتها.
الصحف الوطنية والترويج للشعوذة.. ماذا وراء الهواتف المعلنة؟
إذا كنت تريد أن تكشف مستقبلك، ويطمئن بالك قبل أن تقدم على خطوة جديدة في حياتك، إذا كنت فتاة عازبة تبحث عن فارس أحلامها، أو متزوجة تعيش مشاكل مع زوجها أو أهله، وإذا كنت على شفا حفرة من الطلاق، ونصحك البعض بالبحث عن شوافة أو عرافة لتطلعك على الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولتكشف لك عن أعدائك الحقيقيين والوهميين الذين يترصدون لك، فإنك لم تعد بحاجة إلى أن تذهب إلى الدوار الفلاني حيث تشتهر فيه هذه الشوافة أو تلك، ولم تعد بحاجة إلى السفر إلى مراكش لتقصد جامع الفنا حتى تقرأ كفك وحظك وطالعك عبر أوراق اللعب، فعدد من الصحف الوطنية سهلت عليك المهمة وقربت هذه الخدمة إليك، فرغم أنها تدعي الحداثة والقطيعة مع كل ما هو تقليدي،
إلا أنها تجتهد في توفير أرقام هاتفية من أجل تقريب الشعوذة و الكهانة من المواطنين، وليس عليك سوى التوفر على رصيد في هاتفك وتركيب الرقم، لتجد صوت فتاة على الطرف الآخر يرحب بك، ويعرض عليك خدماته من قراءة الأبراج إلى فتح الكارطة إلى ما يسمى بـ الحساب ولك الاختيار، المهم في كل هذا أن تتوفر على رصيد هاتفي كاف، يتحمل الحديث الطويل و المجرجر الذي ستجد نفسك في ثناياه.
العنوان فلكيات"
في البداية اتصلت برقم لركن فلكيات أخذته من إحدى الصحف اليومية، قابلني صوت هاديء لفتاة تبدو في منتصف العقد الثاني من عمرها، سألتني إن كانت هذه أول تجربة لي في الاتصال لمعرفة المستقبل، عندما أجبت بالإيجاب أكدت لي بأنها لن تكون المرة الأخيرة، وطلبت مني أن أختار الخدمة التي أريدها الأبراج ، الكارطة ، الحساب ، بعد أن اخترت قراءة الطالع بورق اللعب، سألتني محدثتي ذات الصوت الهادئ، عن اسمي واسم والدتي ولون بشرتي، طالبة مني أن أسترخي وأنتظر حتى تعزم وأن لا أفعل شيئا سوى الانتظار، بقيت على الخط ثمانية دقائق لا أسمع سوى صوت طرق عبر الهاتف وأصوات نساء يتناهى من بعيد، يتحدثن على ما يبدو مع زبائن آخرين،
استمر الصوت الذي يفترض أنه ضمس الكارطة دون مجيب، ويبدو أن صاحبتنا كانت تسعى لإطالة اللقاء أطول مدة ممكنة حتى ترتفع الفاتورة، وبما أنني زبونة تمل بسرعة، فقد وضعت سماعة الهاتف، ثم اتصلت مرة أخرى قائلة إنهم تأخروا في الرد علي، بدت قارئة مستقبلي العتيدة منزعجة، لأنني قطعت الخط، لكنها في النهاية طلبت مني أن أضع يدي على قلبي وأردد ثلاث مرات العبارة التقليدية التي لم تتغير بالرغم من دخول التكنولوجيا على خط التشوافيت ، وهي هاقلبي ها تخمامي ها باش آتاني الله ، سألتني إن كنت قد أديت الفريضة، وبما أنني جديدة على هذا العالم فإني لم أفهم المقصود من العبارة، كما لم أفهم عبارات أخرى،
مما اضطر المرأة لأن تقف مطولا لتشرح المغزى والمعني، وحتى تطيل الحوار، ويبدو أنها كانت تسألني إن كنت متزوجة، وبشرتني غادي يآتيك الله بعلامة الفرح، الأمور ديالك غادي تحسن وأحوالك غادي تغير واخا أنت مقلقة ومغيرة، مالك آش مقلقك ومغيرك ، كلام عائم قد ينطبق على الجميع، من منا لا تنتابه حالات قلق، ومن منا لا ينتظر الأفضل في مستقبل الأيام، ولأن السيرة الذاتية التي وضعتها بين يدي قارئة الورق المزعومة تقول بأنني آنسة في مقتبل العمر، فلن يكون سوى أمر العمل والزواج هو الذي يؤرقني ويشغل بالي، شوفي كيبان لي ربي غادي يفرحك إن شاء الله ويفرجها عليك غير الصبر هو كلشي عندك شي زهر وشي فرح منك قريب، شكون هو أحمد ولا سمحمد ،
وهل يخلو بيت أو حي مغربي من اسم محمد او أحمد، نعم، أعرف هذا الاسم، السيد مربوع القد معجون اللون ماذا تعني، وفسرت لا قصير لا طويل لا أسمر ولا أبيض ، ها قد وجدت العريس وحلت أولى مشاكلي الوهمية في خمس دقائق، لتنتقل بي إلى متاهة أخرى، شنو نقولك متبوعة وتابعاك العين بزاف ما كتديري لا تفوسيخة لا تباخيرة علاش؟، ولإقناعي بأن التفوسيخة حل سحري لكل العقد قالت السحر علينا حق والعين علينا حق، الرسول عليه السلاة والسلام تسحر، شكون هي فاطمة ، انتهينا من أحمد ومحمد ووصلنا لفاطمة شكون هي فاطمة؟ سألتني، وهذا الاسم أيضا شائع في كل البيوت المغربية،
قد تكون صديقتي أو قريبتي أو جارتي، تستطرد لتفتح باب الشكوك بيني وبين صاحبة هذا الاسم إيلا دخلت عندكم للدار كينوض الغيار وكيبان لي شي حاجة تقيلة غادي تدخل بين يديك هاد الايام لاحظتيها؟ ، ولأني لم ألاحظ هذا الشيء الثقيل الذي أخبرتني به، فقد تطوعت لتقوم هي بذلك طالبة مني الانتظار حتى توزع أوراق اللعب من جديد، لكن قبل ذلك حذرتني قائلة ما تقطعيش ما مزيانش تقطعي فالك ، وانبعث صوت الطرق من جديد وأصوات نسائية بعيدة، وصوت من الجهة الأخري يغني أراسي ما داز عليك وباقي ، فأنهيت الاتصال.
الاتصال وأسأل عن اسمها بالذات لنكمل حوارنا الخاص.. | |
|
cry
عدد المساهمات : 57 تاريخ التسجيل : 24/06/2009
| موضوع: رد: الشعـوذة بالمغرب..ضحاياها شبكاتها ماذا وراء انتشارها وكيف اخترقت الفضاء الإعلامي؟ الأربعاء يونيو 24, 2009 11:35 am | |
| | |
|